مدينة سيدي عبد الله المدينة ''الأسطورة'' التي حولت السكان إلى بؤساء
صفحة 1 من اصل 1
مدينة سيدي عبد الله المدينة ''الأسطورة'' التي حولت السكان إلى بؤساء
الداخل إلى مدينة سيدي عبد الله الجديدة ليس كالخارج منها، لأن الواقع المعيش هناك يجانب الصورة الأسطورية التي حرص الخطاب الرسمي على غرسها في مخيلة الجزائريين عن بناء هذا النوع من المدن. واقع تجسده معاناة ناجمة عن حرمانهم من النقل، الغاز، الصحة، السوق...
لم تزدهم بالتالي إلا عزلة.
الوصول إلى سيدي عبد الله الواقعة على بعد نحو ثلاثين كيلومتر إلى جنوب العاصمة، يمر عبر منحدرات ومنعرجات متوغلة في سلسلة من الهضاب تبدأ من بلدية معالمة، يتنفس خلالها الزائر الصعداء، حيث يقل ضجيج وتناقضات مدينة العاصمة المختنقة، نقترب شيئا فشيئا، فتبدو سيدي عبدا لله نائمة في سفح جبل.
كان الدخول إلى المدينة عبر حي سيدي بنور، بعد اجتيازنا لحاجز مراقبة تتولاه الشرطة والحرس البلدي، توغلنا في قلب مدخل الحي، لم نر إلا بنايات يرجح أن يكون نشاطها مستقبلا تجاريا وإداريا على اعتبار تموقعها وطريقة بنائها، ولكن كل ستائرها مغلقة، فيما ظل بعض العمال منكبّين على مواصلة استكمال أشغال بنايات أخرى.
كبر فضولنا ونحن نتوغل في قلب الحي النائم عند سفح جبل، ولم تقو المدينة على جذبي إليها ولم تسحرني ولم تؤثـر علي، بقدر ما صدمتني بأبوابها المغلقة وشكل هندستها العادي وانعدام الحركة بها. تقدمنا وسط الحي عبر المرور على مرتفع جبلي، أبان لنا عن الوجه العام لسيدي عبد الله التي ما زالت ملامحها تتشكل شيئا فشيئا وسط ديكور طبيعي خلاب من الهضاب والسهول والمنحدرات. من ذاك المرتفع ترى مشاريع لا تزال الأشغال بها جارية مثل المستشفى، وعلى بعد عشرات الأمتار منها تتربع بحيرة صغيرة ومساحة خضراء، يرجح أن يأخذ المشروع شكل حديقة للحيوانات.
ولكن على بعد أمتار من المرتفع، ينام الحي الذي يحصي أزيد من 400 سكن، التابع لسيدي بنور. كنا نعتقد بأن المدينة الجديدة التي شارك عمال كوريا الجنوبية في بنائها، ستكون نموذجا جديدا للرفاه والتقدم، ولكن ''سعيد'' الذي هو أحد أبناء العاصمة الذي اشترى سكنا هناك في إطار عمل إحدى التعاونيات، يعترف صراحة قائلا: لم أكن أتصور أني سأعيش في وسط هذه القفار، تصور أنك ولدت وكبرت في قلب العاصمة وجئت هنا، فوجدت نفسك محروما من الغاز، من النقل، من الصحة، من البريد، من فرع بلدي، بل وأولادك محرومون من اللعب..''. وبوسط هذا الحي الذي لا يبعد إلا بنحو
أمتار عن الحي الجامعي للبنات، عرفنا أن الهم والمعاناة التي يحملها سعيد لا تختلف عن تلك التي يحملها يزيد، إطار ظل مرتبطا بالعاصمة من جانب وظيفته ويقول ''نحن نعاني العزلة والحرمان من كل شيء، هل تعلم بأننا محرومون من النقل، فلا نقل حضري ولا نقل خاص، فأغلب المواطنين يتطفلون على حافلات النقل الجامعي''. وأبعد من ذلك، يرى أن حي سيدي بنور الذي هو جزء من سيدي عبد الله، هو في الحقيقة مرقد فقط''.
تجوالك في قلب الحي لا يزيدك إلا نفورا، طالما أنه لا يوجد هناك ما يطيل رغبتك في البقاء، حيث عدد المحلات يعد على الأصابع، فضلا عن غياب سوق يقصدها السكان لاقتناء ما يحتاجونه، يطرح بالتالي تساؤلا عن الكيفية التي يعيش بها هؤلاء في هذه المدينة، ولاسيما أن من تحدثوا إلينا يقولون إننا نقتني كل شيء من معالمة. هذا الوضع البائس، ما زال يضغط بثقله على السكان ممن يقرون صراحة بأنهم محرومون من الغاز، وإذا ''لم تأت الشاحنات بالقارورات فإننا نبقى دون حياة''، فيما يتساءل البعض عن خلفية عدم تخصيص فضاءات للعب الأطفال، بل وحتى عن أسباب عدم فتح الروضة الخاصة بهم. هكذا راحت المعاناة تكبر في صمت وآفاق صيرورتهم غامضة في غمرة تخوف البعض من تردي الوضع من سيئ إلى أسوأ، ومؤشرات ذلك، حرمانهم منذ أيام من الإنارة العمومية. هكذا يخطط للمدن الجديدة ببلادنا، وهكذا تكبر أحزمة البؤس.
لم تزدهم بالتالي إلا عزلة.
الوصول إلى سيدي عبد الله الواقعة على بعد نحو ثلاثين كيلومتر إلى جنوب العاصمة، يمر عبر منحدرات ومنعرجات متوغلة في سلسلة من الهضاب تبدأ من بلدية معالمة، يتنفس خلالها الزائر الصعداء، حيث يقل ضجيج وتناقضات مدينة العاصمة المختنقة، نقترب شيئا فشيئا، فتبدو سيدي عبدا لله نائمة في سفح جبل.
كان الدخول إلى المدينة عبر حي سيدي بنور، بعد اجتيازنا لحاجز مراقبة تتولاه الشرطة والحرس البلدي، توغلنا في قلب مدخل الحي، لم نر إلا بنايات يرجح أن يكون نشاطها مستقبلا تجاريا وإداريا على اعتبار تموقعها وطريقة بنائها، ولكن كل ستائرها مغلقة، فيما ظل بعض العمال منكبّين على مواصلة استكمال أشغال بنايات أخرى.
كبر فضولنا ونحن نتوغل في قلب الحي النائم عند سفح جبل، ولم تقو المدينة على جذبي إليها ولم تسحرني ولم تؤثـر علي، بقدر ما صدمتني بأبوابها المغلقة وشكل هندستها العادي وانعدام الحركة بها. تقدمنا وسط الحي عبر المرور على مرتفع جبلي، أبان لنا عن الوجه العام لسيدي عبد الله التي ما زالت ملامحها تتشكل شيئا فشيئا وسط ديكور طبيعي خلاب من الهضاب والسهول والمنحدرات. من ذاك المرتفع ترى مشاريع لا تزال الأشغال بها جارية مثل المستشفى، وعلى بعد عشرات الأمتار منها تتربع بحيرة صغيرة ومساحة خضراء، يرجح أن يأخذ المشروع شكل حديقة للحيوانات.
ولكن على بعد أمتار من المرتفع، ينام الحي الذي يحصي أزيد من 400 سكن، التابع لسيدي بنور. كنا نعتقد بأن المدينة الجديدة التي شارك عمال كوريا الجنوبية في بنائها، ستكون نموذجا جديدا للرفاه والتقدم، ولكن ''سعيد'' الذي هو أحد أبناء العاصمة الذي اشترى سكنا هناك في إطار عمل إحدى التعاونيات، يعترف صراحة قائلا: لم أكن أتصور أني سأعيش في وسط هذه القفار، تصور أنك ولدت وكبرت في قلب العاصمة وجئت هنا، فوجدت نفسك محروما من الغاز، من النقل، من الصحة، من البريد، من فرع بلدي، بل وأولادك محرومون من اللعب..''. وبوسط هذا الحي الذي لا يبعد إلا بنحو
أمتار عن الحي الجامعي للبنات، عرفنا أن الهم والمعاناة التي يحملها سعيد لا تختلف عن تلك التي يحملها يزيد، إطار ظل مرتبطا بالعاصمة من جانب وظيفته ويقول ''نحن نعاني العزلة والحرمان من كل شيء، هل تعلم بأننا محرومون من النقل، فلا نقل حضري ولا نقل خاص، فأغلب المواطنين يتطفلون على حافلات النقل الجامعي''. وأبعد من ذلك، يرى أن حي سيدي بنور الذي هو جزء من سيدي عبد الله، هو في الحقيقة مرقد فقط''.
تجوالك في قلب الحي لا يزيدك إلا نفورا، طالما أنه لا يوجد هناك ما يطيل رغبتك في البقاء، حيث عدد المحلات يعد على الأصابع، فضلا عن غياب سوق يقصدها السكان لاقتناء ما يحتاجونه، يطرح بالتالي تساؤلا عن الكيفية التي يعيش بها هؤلاء في هذه المدينة، ولاسيما أن من تحدثوا إلينا يقولون إننا نقتني كل شيء من معالمة. هذا الوضع البائس، ما زال يضغط بثقله على السكان ممن يقرون صراحة بأنهم محرومون من الغاز، وإذا ''لم تأت الشاحنات بالقارورات فإننا نبقى دون حياة''، فيما يتساءل البعض عن خلفية عدم تخصيص فضاءات للعب الأطفال، بل وحتى عن أسباب عدم فتح الروضة الخاصة بهم. هكذا راحت المعاناة تكبر في صمت وآفاق صيرورتهم غامضة في غمرة تخوف البعض من تردي الوضع من سيئ إلى أسوأ، ومؤشرات ذلك، حرمانهم منذ أيام من الإنارة العمومية. هكذا يخطط للمدن الجديدة ببلادنا، وهكذا تكبر أحزمة البؤس.
مواضيع مماثلة
» احمدوا الله على نعمته التي انعمها علينا
» قصيدة من أروع القصائد التي قيلت في السيدة عائشة رضي الله عنها ..
» آية قرانية حولت قساً أميركياً من النصرانية إلى الإسلام
» قطاع الري بمعسكر يستفيد من ملياري دج لضمان تزود السكان بالماء
» قصة الدجال كاملة يرويها علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم
» قصيدة من أروع القصائد التي قيلت في السيدة عائشة رضي الله عنها ..
» آية قرانية حولت قساً أميركياً من النصرانية إلى الإسلام
» قطاع الري بمعسكر يستفيد من ملياري دج لضمان تزود السكان بالماء
» قصة الدجال كاملة يرويها علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى