التعليم ‬التكوين واكتشاف المواهب‮ ‬من أولويات السياسة العقابية بغليـزان

حقّقت المؤسسة العقابية ''بلعسل'' بغليزان، قفزة نوعية في شمولية سياسة الإصلاح التي باشرتها وزارة العدل منذ فترة، لاسيما ما تعلق منها بتطوير آلية أنسنة ظروف الحبس لترقية المنظومة العقابية، وضمان أكثر لحقوق إنسانية مسلوبي الحرية من جهة، وتحفيزهم على التكوين والتأهيل لتسهيل عملية إعادة إدماجهم في الوسط الاجتماعي من جهة أخرى.

19 محبوسا سيجتازون البكالوريا وآخران يناقشان رسالة تخرج جامعية

وعند زيارة المؤسسة العقابية ومعاينة الأجنحة المخصصة التي وضعتها هذه الأخيرة في متناول 462 محكوم عليهم نهائيا، لمزاولة تعليمهم العام، مع تمكين 359 آخرين -حسب رغباتهم- من ممارسة تكوينهم المهني في أنشطة تتناسب مع إمكانات المؤسسة وطبيعتها، كما وفّرت المؤسسة ورشات خاصة بالفنون التشكيلية والصناعية التقليدية، الأمر الذي مكّن الموهوبين من شغل فراغهم وساعدهم في اكتشاف ذواتهم، من خلال تفجير المواهب الكامنة في أعماقهم. فحسب الإحصاءات المستمدة من مصادر مسؤولة، يكون العنصر الشبابي أكثر رغبة في تحسين مستواه الدراسي داخل المؤسسة عن بعد والمراسلة، وذلك بمجموع 616 منهم 19 طالبا سيدخلون غمار المسابقة الوطنية لنيل شهادة البكالوريا دورة جوان القادم، في حين يتوزع من بينهم 309 محبوس متمهن مسجل خلال الموسم الدراسي الحالي في 7 اختصاصات مهنية، يقابلها في ذلك 111 مسجل في أقسام محو الأمية، غالبيتهم تتراوح أعمارهم ما بين 50 و60 سنة فما فوق، كما ستشهد نهاية الموسم من بين 21 طالبا جامعيا، ترشح محبوسين اثنين، كانا قد دخلا إلى المؤسسة العقابية وبحوزتهما شهادة تثبت مستوى تعليمهما المتوسط، لمناقشة مذكرة تخرجهما الجامعي تحت موضوع المنافسة الشرعية وغير الشرعية.

تنظيم منافسات بين القاعات في كرة القدم والشطرنج

مصالح المؤسسة العقابية، بادرت إلى إنشاء مساحات تنشيطية منها التثقيفية، الفكرية والرياضية، فضلا عن تجهيز قاعات لتعليم الموسيقى والفنون المسرحية كأنشطة ترفيهية، الشيء الذي ساعد على خلق أجواء من التجديد النفسي لديهم، من أجل تدارك الصراعات النفسية وتداعياتها السلبية على سلوكيات المحبوس الممكنة، التي قد تنجم عنه، كرد فعل على أساليب تقييد حريته، فمن أجل إعطاء الأهمية لهذا الجانب، أوضح السيد ''مكاحلي. ب''، مدير المؤسسة، أنه يتم دوريا تسطير منافسة داخلية بين القاعات، خاصة في كرة القدم، كمال الأجسام، الشطرنج، ''البيار'' و''البابي فوت''، مع تكليل العملية التنافسية بتقديم جوائز تكريمية وهدايا رمزية للمتفوقين، كما أكّد من جهة أخرى، أن ترغيب مسلوبي الحرية في التعليم، شهد الموسم الدراسي مستوى قياسيا، مقارنة مع المواسم السابقة، حيث بلغت نسبة الذين يزاولون تعليمهم العام بأطواره المختلفة ما نسبته 48% من مجموع المحبوسين، مع تخصيص أقسام الامتحانات بدروس تدعيمية في جميع المواد، بمعدل حصتين كل أسبوع، وذلك نظرا إلى الوسائل المادية المتوفرة، وتدعيمها بالمورد البشري المتخصص من معلمين وأساتذة، حسب الاتفاقية المبرمة بين الوصاية ووزارة التربية والتعليم.

منح 52 شهادة تكوين مهني لحرفيين محبوسين غير حائزين عليها

وفي هذا السياق، أكد مدير مؤسسة ''بلعسل'' العقابية، أن السنة الجارية سمحت بمنح 52 شهادة في التكوين المهني للحرفيين غير الحائزين عليها، وذلك بعد إخضاع هؤلاء للجنة تقييم المحبوس الحرفي غير الحائز على شهادة لمانع قانوني أو غيره، وهو الإجراء الذي من شأنه أن يساهم في تسهيل عملية إدماجه في الوسط الاجتماعي، بعد انقضاء فترة عقوبته، حيث يمكنه الاستفادة من أحد أجهزة الدعم ''الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب والصندوق الوطني للتأمين على البطالة''.

سجين يرسم صورة للرئيس بوتفليقة بالريشة والقلم

تفقدت ''النهار'' برفقة طاقم من المؤسسة العقابية، الجناح الخاص بجميع الأنشطة التعليمية والتكوينية، حيث وعلى مستوى الطابق الأول تتربع على مساحة 25 متر مربع، مكتبة مرفوفة بجميع الكتب الدينية والأدبية والفكرية، إلى جانب الروائية، فضلا عن المجلات التثقيفية. كما يتوازى وسط الجناح و7 قاعات للتدريس مهيأة، ومنها المجهّزة بأجهزة إعلام آلي، لفائدة الراغبين في الاختصاص، تقابلها بالزاوية المجاورة، قاعة لممارسة رياضة كمال الأجسام وزاوية خاصة بالفرق الموسيقية مدعمة بأجهزة حديثة ومتطورة. ومايثير الدهشة المجسمات والرسومات والصور التي أنتجتها أنامل الجانحين داخل المؤسسة، حيث تقابلك صورة لرئيس الجمهورية مقياس 6085سم، رسمها أحد المساجين بالريشة والقلم بغاية الدقة والجمال، وهناك ألواح زيتية لمناظر طبيعية خلابة، نالت إعجاب اللجان الغربية خلال الأيام القليلة الماضية. بعض المُدانين وجدوا في الورشة فرصة سانحة لتفجير موهبة النقش على الأواني المنزلية، تبقى مرصوصة على الرفوف، لا مثيل لها خارج المؤسسة. إلى جانب هذا، هناك رسّامون في الخط العربي والخط الفارسي، في انتظار فتح ورشة أخرى لنشاط النقش على الخشب والنحت على الجبس، للموهوبين الراغبين في تحقيق ذواتهم.